البرلمان يتحدى الحكومة ويصادق على قانون لجان تقصي الحقائق
في تحد واضح لمصادقة الحكومة، الأسبوع الماضي، على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، أجمعت الفرق النيابية أغلبية ومعارضة في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، يوم الجمعة، على التصويت على مقترح برلماني مماثل بالإجماع، على أن يعرض على الجلسة العامة الأسبوع المقبل قبل إحالته على مجلس المستشارين.
وبدا تنسيق الفرق البرلمانية واضحا في مواجهة الحكومة أثناء جلسة المصادقة، التي دامت قرابة الست ساعات، حيث كان التوافق هو السمة الأساسية في التعديلات التي قدمتها على المواد العشرين لمقترح القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، كما أن إعداده من طرف اللجنة الفرعية".
وأبدى نواب الأمة جاهزية أكثر لإخراج المقترح من اللجنة، ورمي الكرة في ملعب الجلسة العامة، حيث أكد النواب في بداية الجلسة على استعدادهم الكامل لاستكمال مسطرة المصادقة إلى أن النهاية، ولو تطلب الأمر منه ليلة بيضاء، في رسالة تؤكد تشبثهم بحقهم الدستوري في التشريع وإخراج القوانين التنظيمية من أسوار المؤسسة التشريعية، لا أن تبقى حكرا على السلطة التنفيذية، كما قال بذلك الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب الشوباني، ومحاولة منهم لدفع الحكومة للتراجع عن مشروعها.
وتنص النسخة النهائية، التي صادقت عليها اللجنة، على أن تشكل لجان تقصي الحقائق بمبادرة من الملك، أو بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب أو المستشارين"، وذلك بتفعيل مبدأ "التمثيل النسبي للفرق مع مراعاة تمثيلية المجموعات البرلمانية".
وشدد المقترح المشترك على أن "يتولى رئيس مجلس النواب أو المستشارين إشعار رئيس الحكومة بطلب إحداث لجنة تقصي الحقائق فور التوصل به وذلك داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أيام على أكبر تقدير"، مشيرا إلى أن مهمة اللجنة تنتهي "فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.
من جهة ثانية، يرى واضعو المقترح ضرورة أن ترجع رئاسة اللجنة لأحد فرق المعارضة، وفي "حال عدم انتخاب رئيس اللجنة من المعارضة لا ينتخب مقررا لهذه اللجنة إلا منها"، "في الوقت الذي دقق المقترح مسطرة جمع المعلومات وإجراءات التقصي بكيفية تسمح للجنة بالقيام بمهامها باستقلالية وفعالية"، على حد تعبير محمد حنين رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان الذي أشار، في تصريح لهسبريس، إلى أن المقترح الجديد قوى آليات الزجر في حق المخالفين الذين يرفضون المثول أمام اللجنة.
وكان محمد حنين، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى، قد نفى أن يكون تلقى أي اتصال يدعوه لوقف مناقشة مقترح فريقي التجمع الوطني للأحرار وفريق العدالة والتنمية، بالقول "لسنا موظفين لنتلقى التعليمات والهواتف من أي كان بما في ذلك رئيس مجلس النواب نفسه"، مؤكدا أن اللجنة ستواصل مسطرة التشريع إلى نهايتها وبرمجة تاريخ تصويتها على مقترح الفريقين البرلمانيين.
حنين أفاد بأن هناك مسطرة تشريعية، واللجنة ستواصل مراحل المصادقة على المقترح"، مضيفا "أنه عندما تحيل علينا الحكومة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقضي الحقائق، سيكون لنا رأي وقتها"، يقول رئيس لجنة العدل والتشريع.
وجدير بالذكر أن الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، حمل كريم غلاب رئيس مجلس النواب مسؤولية دفع الحكومة للمصادقة على المشروع الذي أثار جدلا سياسيا واسعا، مؤكدا أنه اتصل برئيس لجنة العدل والتشريع محمد حنين لإيقاف مناقشة مقترح البرلمان والذي وصل إلى مراحله النهائية، قبل أن يعود للتأكيد أن القوانين التنظيمية المنزلة للدستور اختصاصا حكوميا، لأن طبيعة المرحلة التأسيسية تجعل هذه القوانين تمر ضرورة عبر مشاريع قوانين حكومية، ومنها إلى المجالس الوزارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق